هل هناك من صلة بين الفاكهة والفكاهة ؟ بعض أهل اللغة يقولون إن لفظ الفكاهة مشتق من اسم الفاكهة وهي الشهي اللذيذ من ثمار الأرض والفكاهة هي الشهي المفرح من ثمار الكلام .. ولعل احتفال الخرطوم بمهرجان الشعر العربي مناسبة للحديث عن لون من ألوان الأدب الشعبي السوداني وهو الشعر القومي الذي ساهم مساهمة كبيرة خلال معارك الحركة الوطنية قبل الاستقلال وظل لفترة طويلة أحد وسائل التعبير السياسي والاجتماعي وفي تراثه الذي أهملناه مزيجا من الفاكهة والفكاهة وقد جمع بين الاثنين أحد أعلام الشعر القومي هو شاعر الجزيرة والحركة الاتحادية ( ود العبيد ) وفعل ذلك عندما ذهب لزيارة صاحب جريدة أنباء السودان ( يحيى عبد القادر ) فلم يجده وقام أحد المحررين بإكرامه بإحضار ( الجبنة) ثم زاد من الكرم بإحضار عدد من أصابع ( الموز) من ثلاجة الفكهاني الجعلي المجاورة لمكاتب الجريدة وانتظر ود العبيد طويلا ولكن الأستاذ يحيى لم يحضر فكتب له رباعية قصيرة قبل أن يغادر الجريدة قال فيها:
جات المويه وغاب السقا .. وأصابع موز من باقي الوقة
وكل أصبع من عطن انشقا .. وأفضل منها سعوط الحقة
والشاعر ود العبيد هو من الأصدقاء المقربين لأمير الشعر القومي في عصره إبراهيم العبادي الذي اشتهرت له العديد من قصائد الشعر القومي بعد ثورة اللواء الأبيض عام 1924 ومنها قصيدة ( حواة الريف ) التي خاطب فيها احمد فؤاد سلطان مصر الذي أصبح بعد ذلك الملك فؤاد الأول ثم أعقبها بقصيدة أخرى خاطب فيها سعد زغلول رئيس وزراء مصر ومستر ( ماكدولاند ) رئيس وزراء بريطانيا ومطلعها :
يا سعد خبر ماكدولوند .. سودان عرب ما هم هنود
والعبادي هو الذي كتب بعد ذلك بالشعر القومي مسرحية ( المك نمر ) وختمها ببيت من الشعر عن القومية ونبذ القبلية مازلنا نردده حتى الآن :
جعلي ودنقلاوي وشكري شن فايداني .. غير سبة خلاف خلت أخوي عاداني
خلوا نبانا يسري مع البعيد والداني .. يبقى النيل أبونا والجنس سوداني
ومن فرسان الشعر القومي حامد عيشاب وبركة جبران وعلى عاكير ( عاكير الدامر ) الذي انتشرت قصائده في مدح الإمام عبد الرحمن :
تسلم يا الزعيم يا التلفا ساعة العترة .. يا جبل الضرا ويا الري نهار الخترة
عندك طبعه لما تدي ايدك تتر .. زي ورق الأراك الشم ريحة النترة
وكما برع علي عاكير في قصائد المدح والوصف كذلك كان الشاعر ود العبيد وكان صاحب حظوة وإكراميات وصلات طيبة بجميع الزعماء السياسيين الذين يذهب لزيارتهم عندما يأتي إلى العاصمة .. وله مقاطع شعرية شهيرة مع العديد من الزعماء ومنها انه ذهب إلى زيارة الشيخ محمد احمد المرضي وزير التجارة 1954 ووجد معه من نواب الاتحادي الشيخ عبد الإله أبو سن والشيخ الوسيلة الشيخ السماني ووجدهم في نقاش سياسي ساخن فأمر له الشيخ المرضي بالغداء لأنهم سبقوه .. ثم ودعه حتى الباب مع الإكرام اللازم فقال ود العبيد :
في الصالون لقيت الشيخ مع الشيخين .. ماسكين ساس يسوس والجلسة في تسخين
جلست مع الضلع ومن الحمام فرخين .. وفي الآخر مرقت سمين وجيبي تخين .
هذا اللون من الشعر القومي ظل يحتل مكانة مهمة حتى ستينيات القرن الماضي ليبدأ في التراجع حتى وصل إلى مرحلة الاختفاء ولم يسجل منه إلا القليل ، وقبل فترة أصدر الدكتور فيصل عبد الرحمن علي طه كتابا حوى مجموعة من مساجلات الشعر القومي بين المرحومين عبد الحليم علي طه ومحمود الفكي ويكاد يكون الكتاب الوحيد في هذا الجانب .. والشعر القومي جزء من تراث الأدب الشعبي يستحق البحث والدراسة والتدوين .. لقد كان يمثل فاكهة السياسة وفكاهة المجتمع .
جات المويه وغاب السقا .. وأصابع موز من باقي الوقة
وكل أصبع من عطن انشقا .. وأفضل منها سعوط الحقة
والشاعر ود العبيد هو من الأصدقاء المقربين لأمير الشعر القومي في عصره إبراهيم العبادي الذي اشتهرت له العديد من قصائد الشعر القومي بعد ثورة اللواء الأبيض عام 1924 ومنها قصيدة ( حواة الريف ) التي خاطب فيها احمد فؤاد سلطان مصر الذي أصبح بعد ذلك الملك فؤاد الأول ثم أعقبها بقصيدة أخرى خاطب فيها سعد زغلول رئيس وزراء مصر ومستر ( ماكدولاند ) رئيس وزراء بريطانيا ومطلعها :
يا سعد خبر ماكدولوند .. سودان عرب ما هم هنود
والعبادي هو الذي كتب بعد ذلك بالشعر القومي مسرحية ( المك نمر ) وختمها ببيت من الشعر عن القومية ونبذ القبلية مازلنا نردده حتى الآن :
جعلي ودنقلاوي وشكري شن فايداني .. غير سبة خلاف خلت أخوي عاداني
خلوا نبانا يسري مع البعيد والداني .. يبقى النيل أبونا والجنس سوداني
ومن فرسان الشعر القومي حامد عيشاب وبركة جبران وعلى عاكير ( عاكير الدامر ) الذي انتشرت قصائده في مدح الإمام عبد الرحمن :
تسلم يا الزعيم يا التلفا ساعة العترة .. يا جبل الضرا ويا الري نهار الخترة
عندك طبعه لما تدي ايدك تتر .. زي ورق الأراك الشم ريحة النترة
وكما برع علي عاكير في قصائد المدح والوصف كذلك كان الشاعر ود العبيد وكان صاحب حظوة وإكراميات وصلات طيبة بجميع الزعماء السياسيين الذين يذهب لزيارتهم عندما يأتي إلى العاصمة .. وله مقاطع شعرية شهيرة مع العديد من الزعماء ومنها انه ذهب إلى زيارة الشيخ محمد احمد المرضي وزير التجارة 1954 ووجد معه من نواب الاتحادي الشيخ عبد الإله أبو سن والشيخ الوسيلة الشيخ السماني ووجدهم في نقاش سياسي ساخن فأمر له الشيخ المرضي بالغداء لأنهم سبقوه .. ثم ودعه حتى الباب مع الإكرام اللازم فقال ود العبيد :
في الصالون لقيت الشيخ مع الشيخين .. ماسكين ساس يسوس والجلسة في تسخين
جلست مع الضلع ومن الحمام فرخين .. وفي الآخر مرقت سمين وجيبي تخين .
هذا اللون من الشعر القومي ظل يحتل مكانة مهمة حتى ستينيات القرن الماضي ليبدأ في التراجع حتى وصل إلى مرحلة الاختفاء ولم يسجل منه إلا القليل ، وقبل فترة أصدر الدكتور فيصل عبد الرحمن علي طه كتابا حوى مجموعة من مساجلات الشعر القومي بين المرحومين عبد الحليم علي طه ومحمود الفكي ويكاد يكون الكتاب الوحيد في هذا الجانب .. والشعر القومي جزء من تراث الأدب الشعبي يستحق البحث والدراسة والتدوين .. لقد كان يمثل فاكهة السياسة وفكاهة المجتمع .